في تعابيرنا الشائعة كثيراً ما نذكر الفلّ و الياسمين معاً، حتى إنّ بعض الناس يبالغون في تحيّة بعضهم بهذه العبارة: “صباح الفلّ والياسمين”.حقاً إنّ وجه القرابة لا يقتصر فقط على اللون الأبيض والرائحة الزكيّة الفوّاحة، بل إنّهما، علمياً، من نفس العائلة. بل حتى يمكن القول إنّهما أشقّاء لأنهما من نفس الجنس ( genus) ولكن النوع (species) هو الذي يختلف. فما رأيكم أن نبدأ بالتعرّف أكثر إلى الفلّ و نغرسه معاً؟

إن الفلّ و الياسمين ينتميان إلى نفس العائلة الزيتونية Oleaceae، و كلاهما من جنس الـ Jasminum ، إلا أن النوع هو الذي يختلف. فمثلاً الياسمين البلدي اسمه العلمي Jasminum grandifolium ، أمّا الفلّ الذي يشتهر في بلادنا فإسمه العلمي: Jasminum sambac .وطبعاً لا يخفى عليكم ان للياسمين أنواعاً عدّة، فغير الياسمين البلدي هناك أيضاً الياسمين الأصفر، وأنواع أخرى عديدة.

ولكن اليوم قررت أن أفرد هذا الموضوع بالحديث عن الفلّ وحده. فالفلّ هو نوع من الياسمين حتى إنه يقال عنه “الياسمين العربي” (Arabian Jasmine)، ويوجد منه عدّة أصناف (varieties) وفي الصور التالية يظهر أكثرها شيوعاً عندنا.

إنّما أمّي تفضّل صنفاً آخر من الفلّ، وهو الذي يظهر في الصورة التالية، و اسمه الشائع عندنا “فلّ مكبّس”. هذه التسمية هي شائعة عندنا في بيروت، فهل هي شائعة كذلك في الأقطار العربية الأخرى؟ على أي حال، إن نبتة الفلّ بلا شك هي من أجمل نباتات الزّينة و أبهاها و أعطرها. لا أتخّيل أن يخلو بيت من هذه النبتة ذات الرائحة الزكّية. أنظروا إليها ، أليست تبدو كالملكة؟ ترى ما السرّ فيها؟ هل هو لونها الأبيض؟ أم شكلها ” الأنيق”؟ أم رائحتها الفوّاحة؟

كفانا الآن إطراءً بنبتة الفلّ، مع أنها تستحق ذلك، و لنتكلم أكثر من الناحية العلميّة. يهمنا الآن أن نعرف ما هي احتياجات هذه النبتة لكي تنمو عندنا بشكل جيّد؟

إحتياجات نبتة الفلّ

التربة: تحتاج الى تربة خفيفة ذات تصريف جيّد، هذا يعني انها أفضل تكون قريبة الى الرملية، و بنفس الوقت غنيّة بالمواد العضوية.

الضوء: تفضّل أشعة الشمس المباشرة بما لا يقل عن 6 ساعات يومياً، كما يمكنها أن تتحمّل أقل من ذلك و لكن أن لا يقل عن 3 ساعات من الشمس المباشرة يومياً.

الري: يفضل أن تحافظ التربة على رطوبتها و لكن من دون إغراقها بالماء، لأن الري المفرط يؤذي نبتة الفل، فهي بشكل عام تتحمل قليلاً من الجفاف أكثر مما تتحمل التربة الفائضة بالماء.

التسميد: ينبغي تزويد نبتة الفلّ بالسماد المناسب من الربيع الى الصيف، و ذلك حسب اختياركم لنوع السماد. في الواقع اني أتساهل قليلاً بالنسبة لنباتات الزينة لأنها غير قابلة للاستهلاك ( كطعام) ، فلا أرى حرجاً من استعمال المخصبات الكيماوية لها ضمن المعقول، و خاصة اذا كانت ستزرع في أوعية منفردة، فستكون الكيماويات محصورة ضمن الوعاء. على أي حال مهما كان نوع السماد الكيماوي المستخدم فينبغي أن يكون معتدلاً من ناحية العناصر الأساسية و نسبته كالتالي: 10-10-10.

أما اذا كانت النبتة ستُزرع في تربة الحديقة، فعندها أفضّل أن يتم اللجوء الى الأسمدة العضوية قدر الإمكان، وذلك للمحافظة على تربة نظيفة من الكيماويات. فما العمل اذا أردنا اختيار التسميد العضوي؟ ببساطة ما عليكم إلا أن تفرشوا طبقة كومبوست عام، أو زبل مخمّر، أو كومبوست الدود، أو كومبوست المشروم، بسماكة 2-3 سم حول النبتة، و ذلك مرّة واحدة خلال فترة النمو. حتى إذا كانت النبتة في الوعاء يمكنكم القيام بذلك.

التكاثر: في الربيع قم بقص عقلات أو قصاصات من نبتة الفلّ بطول حوالي 10-12 سم، و اغرسها بالتربة الرملية. بعد حوالي أربع أسابيع أو أكثر، وعندما ترى مجموعة من الجذور قد تكوّنت يمكنك ان تغرس شتلة الفلّ حيث تريد. يمكنك أيضاً أن تقوم بعملية التكاثر في أواخر الصيف الى الخريف، بواسطة العقل الغضّة.
أما إذا أردت أن تتبع طريقة التكاثر البذري، فيمكنك زراعتها فوراً من البذور، فإن بذور الفل لا تحتاج الى تنضيد قبل زرعها.

الإزهار: تزهر نبتة الفل من شهر حزيران (يونيو) و حتى شهر أيلول ( سبتمبر) .

الرعاية: قم بتقليم نبتة الفل بعد أن تفقد أزهارها، فهذا يساهم في ابقاء النبتة بشكل جيّد، و يساعدها على النمو بشكل أفضل في الموسم القادم و يعطيها مجال أكبر للإزهار.

الآفات: ينبغي الحذر من الآفات التالية التي قد تتعرض لنبتة الفل و تجنّبها قدر المستطاع : البق الدقيقي mealy bugs، المنّ aphids ، بقع الورق leaf spots ، الحشرات القرمزية scale insects. من الطرق التي تساعد على تجنّب هذه الآفات هو تشجيع الحشرات النافعة التي تتغذى على تلك الآفات و من أشهرها حشرة الدعسوقة ( أبو العيد) فهي تساهم في القضاء على البق الدقيقي و المنّ. كما أن الحشرات القرمزية يقضي عليها الدبّور الطفيلي. و يبقى عندنا عفن الأوراق ، فهذا سببه غالباً سوء الريّ ؛ تذكّر دائماً انّك ينبغي أن ترطّب التربة وليس النبتة مباشرة، فلا توجّه رذاذ الماء مباشرة على الأوراق بقدر ما ينبغي أن تحرص على ترطيب التربة. فاحرص على أن تكون الأوراق مهوّءة و لا تتعرض كثيراً إلى الماء الذي قد يسبب العفونة.

و الآن هل تشجعتم للاعتناء بشتلات الفلّ التي عندكم؟ اذا لم يكن عندكم بعد هل تشجعتم على اقتناء واحدة؟

أما أنا الآن فقد تذكّرت أنه ينبغي أن أنقل شتلة فلّ كنت قد اقتنيتها من المعرض. فإلى اللقاء.

# شارك هذ المقال #