طبعاً إننا هنا ندعوكم لزراعة الفتنة (الشجرة) و ليس زرع الفتنة بين الناس; نسأل الله أن يبعد الفتن عنّا جميعاً. أما شجرة الفتنة فهي من أكثر الشجرات التي كنت أراها في مدينتنا – بيروت – و حتى على شرفات البيوت. يمكنها أن تعيش بشكل جيّد في الوعاء و تعطي الكثير من الأزهار البيضاء. و تتنافس مع شجيرات الجاردينيا و الياسمين و الفل بتزيين الشرفات بأزهارها البيضاء ذات الرائحة العطرة. فهل يا ترى هذا هو سبب كونها “فتنة” للناس أم أن هناك شيء آخر يستدعي أن نأخذ حذرنا منها؟ فلنتحقّق من الأمر معاً.
قد يكون اسم “فتنة” يُطلق في بعض البلاد العربية على شجرة من صنف الأكاسيا، و لكن إسم فتنة في لبنان يدل على شجيرة أخرى ليست من صنف الأكاسيا. شجرتنا اليوم التي سنتكلم عنها تحمل اسم “بلوميريا” Plumeria، و تحديداً هي: Plumeria alba. لكي لا نضيع بالأسماء العربية، علينا أن نلتزم بـ الإسم العلمي الذي هو دليلنا جميعاً.
جاء اسم Plumeria من اسم عالم نبات فرنسي كان مختصصا بالتسميات العلمية للنباتات، فكان لهذه النبتة نصيب أن تحمل اسماً مشتقا من إسم عائلته: Charles Plumier
يوجد منها أصناف و ألوان أخرى، و لكن التي نتحدث عنها هي ذات لون أبيض، و من هنا جاءت تسميتها بـ alba. من الأمور التي تتميز بها هذه الشجرة أنه يخرج منها عصارة بيضاء سامّة، كما يحدث مع شجرة الدفلة Nerium oleander و أشجار من أصناف الـ Euphorbia. فهل يا ترى هذه العصارة السّامة التي تخرج منها هي سبب كونها فتنة؟ فهي تبهر الناس بمظهرها و رائحتها الزكية، و لكنها تخفي سمّها الأبيض؟
كما أن أزهارها تمتاز برائحة فوّاحة، تظهر بشكل أبرز عند المساء لكي تجذب فراشة الـ sphinx moth التي تقوم بتلقيحها.
متطلّبات شجرة البلوميريا
إن شجرة البلوميريا تتطلب مكاناً مشمساً تتعرض فيه لـ 6 ساعات يوميا على الأقل لكي تعطينا تلك الزهرات الجميلات.
الري: ينبغي أن تجف التربة قليلاً بين كل ري و آخر، و لكن لا ينبغي تعريض النبتة الى جفاف تام، لأن ذلك قد يؤدي الى خسارة أوراقها. وفي المقابل لا ينبغي أن نجعل التربة مشبعة جداً في الماء، فخير الأمور الوسط مع البلوميريا.
التربة: تفضّل التربة ذات التصريف الجيّد، و هذا يعني ان تكون مائلة الى رمليّة.
التسميد: التسميد الجيّد يجعلك تحظى بأزهار متفتحة من شهر أيار (مايو) وحتى الى شهر تشرين الثاني ( نوفمبر). فاحرص على ان يكون السماد غنياً بالفوسفور أكثر من الآزوت. فالفوسفور هو الذي سيعين على اكثار الازهار.
الآفات الزراعية: أبرز الآفات التي قد تصيب هذه الشجرة هي الحشرات القشرية scale insects.
في الغالب يتم تكثير شجرة البلوميريا، بواسطة القصاصات أو العقل، و ذلك في الربيع (من فبراير الى مايو)، و يجب ان نترك العقلة تجف قليلاً قبل غرسها (حوالي 10 أيام) .
أخيراً، في الشتاء لا تتعجبوا اذا وجدتم أوراق البلوميريا سقطت جميعها. هذا طبيعي، فهي في ذلك الفصل تكون في فترة السكون. قد تتحمل برد الشتاء الى حد ما، و لكنها حسّاسة للجليد. فإذا كانت شجرتكم في وعاء زرع، يمكنكم ان تدخلوها الى داخل المنزل في فصل الشتاء اذا خفتم عليها. إنما بشكل عام، هذه النبتة قد تتحمل شتاء مناطقنا، و إني أشهد ذلك يقيناً في بيروت. فهي تبقى على الشُرُفات صيفاً شتاءً. حتى في الحديقة، فقد رأيتها مرّة في حديقة في بيروت، و كانت صامدة طوال فصل الشتاء، متعرّية من أوراقها. و ما إن عادت الأوراق مع انقضاء فصل الشتاء و عودة الربيع، حتى ظهرت أزهارها ذات اللون الأبيض و الرائحة الزكيّة من جديد.