كان من المفترض أن يُقام هذا المعرض في شهر أيار ( مايو) 2008، و لكن لعله بسبب الأحداث المؤلمة التي عصفت بتلك الفترة، فكان مصيره أن يؤجل الى 10-14 حزيران ( يونيو) 2008. و بطبيعة الحال، موقع زراعة نت لن يفوّت مثل هذه الفرصة دون أن يلقي الضوء عليها، من جهة لكي نطلع المهتمين على ما يهمهم من الناحية الزراعية، و من جهة أخرى لنقول للعالم انه يوجد في لبنان أشياء أخرى، سوى الدمّار و الخلاف.
للسنة الخامسة على التوالي، و في لبنان، وتحديداً في ميدان سباق الخيل، قرب حرج الصنوبر في بيروت، يفتح معرض الحدائق و مهرجان الربيع أبوابه أمام الهواة و المحبين للحدائق، وحتى المختصين. كعادته، يضم المعرض عرضاً لنماذج من الحدائق، قد قام بتصميمها بعض شركات تصميم الحدائق بالتعاون مع بعض المشاتل، كما تشارك فيه عدة مشاتل و شركات زراعية تعرض انتاجها. بالإضافة الى ذلك، فإنك تجد هناك أيضاً عرضاً لكل عناصر الحديقة من مقاعد و طاولات و أكشاك خشبية، و كل ما يمكن إضافته الى الحديقة ليزيدها جمالاً و جاذبية.
فهذه – على سبيل المثال- شركة لإنشاء البيوت الخشبية، تعرض بيتاً صغيراً – أو كشكاً- خشبياً. فمثل هذا يمكنكم أن تنشئوه في حديقتكم، لكي يزيدها جمالاً من ناحية، و من ناحية أخرى تحتاجونه إما لتأووا داخله اتقاءً من أشعة الشمس، أو لكي تحتفظوا بمستلزماتكم التي تحتاجونها في الحديقة.
أوّل ما استوقفنا – كما استوقف هذا الطفل الصغير- عند دخولنا الى المعرض هو بركة مائية مصغّرة. في الواقع كنا ننتظر أن يذهب الناس من أمام البركة لكي نأخذ الصورة المناسبة، و لكن هذا الطفل أبى إلا أن يبقى يشاهد نافورة البركة.
فكما ترون، انّ منظر البركة حقاً جذّاب في الحديقة، فانظروا كيف يمكنكم ان تزيّنوا حولها ببعض الأحجار كما أن تحدّدوها ببعض النباتات المزهرة، و الشجيرات الجميلة. و إنشاءها ليس بالأمر الصعب، و الدليل على ذلك انّهم أنشأوها في هذا المعرض بوقت قصير، وعند انتهاء المعرض بلا شك انّهم قد أزالوها. لقد أوضحنا سابقاً كيف يتمّ إنشاء بركة مائيّة بطريقة سهلة. و كما أسلفنا سابقاً، ان البركة المائية لها فوائد بيئية بوجودها في حديقتكم. فهي تجذب الكثير من الكائنات النافعة الى الحديقة، و تساهم بالتالي بتنوّع بيولوجي مرغوب به.
بمناسبة حديثنا عن الأمور البيئية، فإن المشاركة في هذا المعرض لم تقتصر فقط على الشركات المتعلّقة بالزراعة و الحدائق، بل أيضاً للجمعيات التي تهتم بالبيئة. فكان هناك أكثر من واجهة لجمعية بيئية،استفادت من فرصة اجتماع الناس لكي تنشر التوعية البيئية اللازمة. فكان هناك جمعيات تهتم بالمحافظة على الطيور وأخرى تهتم بالمحافظة على الثروة الحرجية و غير ذلك. و قد التقطنا صورة من إحداها، و تلك تهتم تحديداً بالمحافظة على ما هو رمز لبلدنا و يظهر على علمنا، ألا و هي الأرزة. فكما ترون في الصورة، هذه شتلات لشجرة الأرز معروضة في تلك الواجهة التابعة لجمعية بيئية، و ذلك تشجيعاً لغرس شتلات الأرز للمحافظة على ثروة بلادنا الأرزية.
مع مضيّنا داخل المعرض، نرى حولنا عرضاً لبعض منتجات المشاتل.
ففي هذا المعرض يمكنك ان ترى كمّاً هائلاً من الشتلات و الغرسات التي قد تتمنّاها في حديقتك. هيّا طب و تخيّر لكي تنشئ أجمل حديقة في دقائق معدودة. هل هذا ممكن؟ نعم ، تابع و سترى.
هذا نموذج لحديقة مصغّرة تمّ تصميمها بواسطة شركة معيّنة، و تمّ عرضها في المعرض. ألم نقل لكم انّكم بسهولة ممكن تنشئوا حديقة فوريّة؟ فهذه النباتات المغروسة في هذه الحديقة، لم تكن من الأساس موجودة هناك، بل تمّ غرسها فوراً لأجل المعرض، كما تمّ إزالتها فور انتهاء المعرض. فلذلك نقول لكم، انّكم بسهولة ممكن تنشئوا حديقة أحلامكم. ما عليكم سوى أن ترسموا التصميم الذي تريدونه، و تختارون النباتات التي تستهويكم وتنفع للنمو في حديقتكم، ثم تقومون بغرسها في المكان المناسب.
حدّقوا جيّداً في النباتات المغروسة على حافّة هذه الحديقة المصغّرة. هل لاحظتم انها مغروسة بوعاء الزرع نفسه؟ لذلك اذا تريدون حديقة فورية، ما عليكم سوى ان تقوموا بغرس تلك الشتلات، بالإصيص نفسه – وعاء الزرع- فتشكّلوا التصميم الذي تريدونه. و اكثر من ذلك، اذا بعد فترة قصيرة أحببتم أن تغيّروا التصميم، يمكنكم إزالة تلك الأوعية المغروسة من مكانها و إعادة غرسها بشكل آخر يوافق التصميم الجديد. أرأيتم كم هي سهلة وممتعة مسألة تصميم الحدائق الفوريّة؟
إنّما في حال كنتم راضيين عن مكان تلك الغرسات، فيمنكم ابقائها كما هي، او حتى ان تنزعوها من الإصيص وتغرسوها مباشرة في التربة، و خاصة اذا كانت من النباتات الموسميّة غير المعمّرة، فلا حاجة لأن تبقى في الإصيص، فهي ستموت مع انتهاء الموسم.
انظروا الآن إلى داخل هذه الحديقة الصبّارية. هل ظننتم أن حديقة من الصبّاريات ممكن تكون بهذا الجمال؟ أنا شخصيّاً لم أكن متحمسّة جدّاً على أن يكون لديّ حديقة صباريّات إلا بعد أن شاهدت هذه الحديقة المصغّرة. فحقّاً إن نبات الصبّار لا يتطلّب عناية كثيرة، و في الوقت نفسه يعطي هذا الجمال. فيا له من خيار سهل وجميل في نفس الوقت، و خاصة لمن يشتكون من شحّ المياه و الجفاف. بنفس المبدأ يمكنكم ان تغرسوا حديقة فوريّة من هذه الصبّاريات. ما عليكم الا أن تتخيّروا الأنواع التي تحبّونها بعد اطّلاعكم عليها في موضوع الصبّاريات، ثمّ قوموا بغرسها في حديقتكم لتناسب التصميم الذي تريدون. يمكنكم أيضاً تغطية سطح التربة بالحصى لتزيدها جمالاً.
بما أننا تحدّثنا عن غطاء التربة، فمن المناسب ذكر أن هناك أيضاً كان بعض الشركات التي عرضت أنواعاً من أغطية التربة، و هنا يظهر في الصورة غطاءً مكوّناً من نشارة الأشجار الخشبية.
مثل هذا الغطاء – أو غيره – ممكن الاستفادة منه ليس للتزيين فقط، بل لكي يحمي التربة من نمو الأعشاب والحشائش الضارّة أو غير المرغوب بها.
و من العناصر التي يمكنكم إضافتها إلى حديقتكم، هذا الشلال الإصطناعي المصغّر. فهو ليس فقط يعطي منظراً جميلاً للحديقة، بل تستأنسون بصوت خرير المياه التي تتدفّق منه. فهكذا تكونوا قد أضفتم عنصر الصوت العذب الى حديقتكم أيضاً.
إن أغلب الأجزاء المتبقيّة من المعرض تخللتها أقسام عرضت منتجات ليس لها علاقة مباشرة في الحديقة ولا حتى الزراعة. فكان هناك أقساماً كثيرة عرضت أشغالاً يدوية و منسوجات وهدايا ومستلزمات للمنزل و غير ذلك. وبدون شكّ لا بدّ من حصّة الطعام أن يكون لها نصيب وفير أيضاً. فكان هناك كثير من الأكشاك التي عرضت وجبات سريعة و مأكولات لمن قد يشتهي أن يأكل شيئاً وهو يتجوّل في المعرض، أو يأخذ استراحة قصيرة ليتناول ما لذّ وطاب.
كما كان هناك جزءاً من المعرض تم عرض فيه منتجات من الزراعة العضوية، و هذا القسم بالذات هو تابع لمجموعة سوق الطيّب التي تعرض انتاجها العضوي في عدّة مناطق في لبنان.
و لا ننسى نصيب الأطفال في ذلك المعرض، فكان لهم مهرجاناً خاصاً، وزاوية كبيرة مليئة بالألعاب والنشاطات التي يحبّها الأطفال. فكان الجوّ بشكل عام جيّد لكلّ العائلة لتمضي وقتاً ممتعاً.
أما أنا فلم أشأ أن أخرج من المعرض دون أن أشتري بعض الشتلات الصغيرة لكي أنميها على شرفتي، وتكون تذكاراً جميلاً من ذلك المعرض.
و إلى لقاء آخر مع رحلة زراعيّة أخرى بإذن الله.