ليت ربات البيوت يقبلن على زراعة الصباريات لما فيها من أنواع تصلح للزرع في وعاء يوضع على شرفة المنزل فيزيدها رونقا و جمالا. فالصبار لا يعيش في الصحراء فحسب، كما هو شائع عند البعض، بل هناك أنواع كثيرة منه تعيش في مناطق غير صحراوية. أين و كيف و لماذا؟ لأجل الإجابة عن تلك الأسئلة كتبت هذه التدوينة ..

أما التي في الصحراء ..
تعيش أصناف الصبار التي تنمو في الصحراء فترات طويلة لا يسقط فيها المطر. تستمد نباتات الصبار الرطوبة في تلك الحالة من الضباب أو الندى الذي يغشى أنسجتها عند الصباح. لذلك فهي تخزّن الماء و المواد الغذائية داخل أوراقها (و تسمى الكفوف) مما يجعلها قادرة على تحمّل الظروف الطبيعية القاسية. معظم أصناف الصبار مُزهرة و لأزهارها أشكال و ألوان عديدة، و تنمو في معظمها الأشواك أو الأوبار. حسناً، لعلي إلى الآن لم أقنعك بعد بأهمية زرع شتلة صبار في الحديقة أو داخل المنزل. هذا لأن حديثي لم ينتهِ بعد.

قبل أن أتكلم عن الرعاية و عن كفية زراعة الصباريات، أود أن أشير إلى أن بعض أصناف الصبار صعُب عليّ إيجاد أسماءها العربية، لذلك سأضع الإسم العلمي (اللاتيني) لتلك التي لم أعثر على مقابل لها في اللغة العربية – و أحيانا حتى إن وُجد لها أسماء عربية فستكون متفاوتة من بلد لآخر، كما هو الحال في نباتات كثيرة (الطماطم، البندورة إلخ ..).

فلنزرع إذاً ..
أي وعاء مهما إختلف شكله أو حجمه سيكون صالحاً لكي تزرع مختلف أصناف الصبار فيه. ربما يفيدك في هذا قراءة مقال: الزراعة في الوعاء. يمكن تقسيم الصباريات بشكل عام إلى قسمين: الصباريات الصحراوية (desert cacti) و صباريات الغابات (forest cacti). إختيارك لأحد القسمين سيحتّم عليك معاملة خاصة لأصناف ذلك القسم.

سآتي لذكر الأصناف التابعة لكل قسم و خصوصية كل منهما، و لكن لنُكمل الآن حديثنا بشكل عام. معظم أصناف الصبار تحتاج لأن تتعرّض لأكبر كمية من الضوء. من أجل ذلك لابد أن تكون متواجدة دائما في مكان يصله ضوء الشمس باستمرار خلال النهار. هناك أصناف غريبة جداً من الصباريات، لكن غرابتها لا تعني بأي حال من الأحوال أنها تصلح للزرع داخل المنزل. إذاً كيف نختار الأصناف المُثلى؟

الصباريات الصحراوية
تحتاج لتُزرع في تربة جيّدة الصرف. تربة مجبولة بالرمل و الحصى و السماد، تُسقى الصباريات فيها بشكل مستمر ربيعاً و صيفاً، كشأن باقي النباتات التي تُزرع في الأصص أو الأوعية. في الشتاء، تُترك جافة كليّا إذا وُجدت في محيط بارد. أما التسميد فمطلوب كل 3 أسابيع، حيث يحبّذ إضافة السماد العضوي و خلطه بالتربة لإحيائها من جديد بالمواد الغذائية. تحيا معظم الصباريات الصحرواية شتاءً في درجة حرارة متراوحة بين 10 و 13 مئوية. و يمكن أن تتحمل درجات حرارة أكثر إنخفاضاً تصل لخمسة درجات مئوية. و عندما تكبر الشتلات فتملأ الأصيص أو الوعاء بجذورها يجب عندها أن تُنقل لوعاء أكبر يفسح لها المجال للنمو بسلام.

—— أعط أمثلة ——

1- الصبار النجمي (Astrophytum): بطيىء النمو، أصله من المكسيك، و ينمو إلى إرتفاع يترواح بين 10 و 30 سم. لونه أخضر مائل إلى الرمادي و مرقّطة أوراقه بنقاط بيضاء. وعند بلوغه من العمر 5 سنوات، ينتج أزهاراً صفراء في الصيف. يحتاج الصبار النجمي لضوء شمس مستمر لينمو بشكل جيد.

2- الصبار المضلّع (Cereus uruguayanus): ينمو لإرتفاع 90 سم بشكل سريع نسبيا في مكان دافئ و مشمس. كلمة uruguayanus تعني “هائل”.

3- صبار الأرامل (Echinopsis): سيقانه عديدة قصيرة يصل طول كل منها 10 سم. ينمو بسرعة و ينتج أزهارا حمراء و برتقالية. يُنقل في الربيع من داخل المنزل إلى مكان أكثر ضوءاً و حرارة.

4- المريشة (Mammillaria): ذو شوك صوفي أبيض. يظهر على يمين الصورة السابقة. هنا صورة أخرى.
5- العقيقة (Gymnocalycium): ذو ساق خضراء متوسطة الطول (نحو 15 سم) و يظهر بالصورة مطعّما على رأسه بصنف آخر من الصبار، أحمر اللون و خال من مادة الكلوروفيل.

أصناف أخرى تابعة للصباريات الصحراوية: Cephalocereus، و الشعلة الفضية (Cleistocactus)، و صبار البراميل (Echinocactus)، و التين الشوكي (Prickly Pear – شاهد صورته)، و صبار التاج الأحمر (Rebutia)، و Oreocereus، و Ferocactus …

صباريات الغابات
تختلف إختلافا شديدا عن الصباريات الصحراوية حيث تتميز بمنظرها الرائع الناتج عن أزهار متدلّية من سيقانها في معظم الأحيان. تبدو سيقانها لحميّة. و بما أنها تنمو عادة على الأشجار، فإنها تتأقلم مع الظل بشكل جيد – رغم أنها من النباتات الإستوائية. تنمو صباريات الغابات في أماكن يدخلها ضوء الشمس، لكنها لا تتحمل حرارة الشمس القوية الحارقة. و تحتاج لتربة خالية من الجير و غنية بالمواد الغذائية، و تُسقى بإستمرار حتى تظل رطبة. و تُزرع في أماكن تتراوح حرارتها بين 10 و 13 درجة مئوية و عندما تظهر براعمها يقل حاجتها للماء و يُستعاض عنه بالقليل من السماد و تُنقل إلى مكان أكثر دفئا.

—— أعط أمثلة ——
1- صبار ذيل الفار (Aporocactus أو rat-tail cactus): إسمه يدل على هيئته و يُزرع للزينة في مكان عال حيث تتدلى سيقانه التي يصل طولها لـ 1.8 متر، و يُزهر في الربيع أزهارا بلون القرنفل. و يظهر مثال عليه هنا.

2- الهاتيورا أو صبار عيد الفصح (Hatiora): يظهر على يمين الصورة السابقة مزروعا في أصيص. لم أجد له إسما باللغة العربية فخاطرت و اخترعت له واحدا من عندي! يتميز بأزهار حمراء فاقعة اللون تظهر في الربيع.
3- الصبار الفوصلي (Napalxochia): تظهر على يسار الصورة السابقة أزهاره الحمراء المتدلّية من سيقانه اللحميّة.

أصناف أخرى تابعة لصباريات الغابات: الصبار الأوركيدي (Epiphyllum)، و الصبار المخلبي (Schlumbergera أو christmas cactus) …

نهاية، كانت هذه مقدمة بسيطة عن أنواع الصباريات و أصنافها بشكل عام. و أشير إلى أن الموضوع شائك حيث أنه من الممكن أحيانا أن نجد في الصنف الواحد أنواع عديدة لها ألوان مختلفة و ربما أشكال مختلفة. لذلك لم أشأ أن أخوض في تفاصيل كثيرة و تركت الأمر لكم و لأصحاب المشاتل و المهندسين الزراعيين الذين لديهم معرفة معمّقة في أسماء تلك النباتات في البلد الذي تقتنون فيه.

لعلّي الآن أيقظت فيكم الرغبة في إقتناء شتلة صبّار! و أكاد أرى تلك الرغبة بائنة على وجوهكم :) و أرجو ممّن خاض في تجربة زراعة الصبار سابقا أن يحدثنا عنها، لذلك سأترك المايك (خانة التعليقات) لكم! .. و أعتذر عن طول الغياب لأسباب خارجة عن إرادتي. في أمان الله.

# شارك هذ المقال #